إعادة إبداع العمل الفني في عصر الذكاء الاصطناعي؛ من إعادة تعريف المؤلف إلى ولادة تجربة جديدة
في يوم السبت 24 مايو 2025، عُقدت جلسة مهمة في إطار مؤتمر «الذكاء الاصطناعي: اتصالات الإنسان والآلة وآفاق المستقبل»، حيث قدم الدكتور إقبال خالديان، الباحث في مرحلة الدكتوراه في مجال الاتصالات، رؤى عميقة حول تأثيرات الذكاء الاصطناعي على طبيعة وعمل الفن. كان عنوان عرضه «العمل الفني في عصر الذكاء الاصطناعي: الأصالة والتحول في العصر الرقمي»، حيث ناقش بطريقة فلسفية قضايا أساسية مثل مفهوم الأصالة، ودور المؤلف، ومكانة الجمهور في سياق التطورات التكنولوجية.
الذكاء الاصطناعي؛ أكثر من مجرد أداة، لغة جديدة للإبداع
في بداية محاضرته، طرح خالديان السؤال الأساسي عما إذا كان يجب اعتبار الذكاء الاصطناعي مجرد أداة للإبداع أو لغة جديدة تغير أسس الفن. وبحسب رأيه، فإن معظم النقاشات في هذا المجال تقع إما في قطب التشاؤم المطلق أو تميل إلى التفاؤل المطلق.
قال: «هناك مخاوف من أن الهوية الإنسانية للفن قد تضيع، بينما يعتقد آخرون أن جوهر مثل المشاعر والموسيقى والأفلام لن تختفي أبدًا. لكن ربما حان الوقت لأن نعتبر الذكاء الاصطناعي كوسيلة جديدة للتعبير الإبداعي، وليس مجرد أداة ميكانيكية.»
اختفاء "الهالة" أم ولادة أصالة جديدة؟
واصل خالديان بالإشارة إلى نظرية والتر بنيامين الشهيرة حول «العمل الفني في عصر النسخ الميكانيكي»، متسائلاً: «الآن بعد أن أصبح الإبداع ممكنًا دون تدخل مباشر من المؤلف البشري، ما هو تعريف الأصالة المتبقي؟» وأشار إلى أنه ربما من الضروري التفكير في نوع من «الأصالة التفاعلية» بدلاً من المفهوم التقليدي للأصالة؛ أصالة تتشكل من خلال التفاعل بين العمل الفني والآلة والجمهور.
الفنان؛ محذوف أم معاد خلقه؟
نظر خالديان بنظرة نقدية إلى مكانة الفنان في هذا العصر الجديد. من وجهة نظره، لا يشكل الذكاء الاصطناعي بالضرورة تهديدًا للفنان، بل يحول دوره. «الآلة ليست بديلاً بل شريكًا للإنسان في عملية الإبداع. في هذه الحالة، لم يعد الفنان الخالق الوحيد للعمل، بل يلعب دورًا مشاركًا ومسهلًا.»
هذه النظرة، خلافًا للروايات النمطية عن انقراض الفنان، تؤكد على بداية شكل جديد من الإبداع؛ إبداع تشاركي وتفاعلي مع الخوارزميات.
المُتلقي؛ من مشاهد إلى صانع المعنى
في جزء آخر من عرضه، أشار خالديان إلى مكانة الجمهور في هذا النظام البيئي الجديد: «الجمهور اليوم ليس مجرد متلقٍ للرسائل، بل يشارك أيضًا في خلق المعنى وتفسير العمل. أحيانًا يتواصلون حتى مع الآلة.»
أوضح، من خلال أمثلة لأعمال فنية تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي—مثل بورتريه تم توليده بواسطة خوارزمية وبُيع في مزاد كريستي عام 2018—أن الحدود بين الفن البشري والصناعي في حالة انهيار.
أربعة أبعاد للتحول في الفن المعاصر
نظم خالديان وجهة نظره في إطار أربعة محاور تحليلية كما يلي:
-
الأصالة في العصر الرقمي:
في عصر الذكاء الاصطناعي، تجاوز العمل الفني قيود المكان والزمان. في هذا السياق، لم تعد الأصالة سمة جوهرية، بل هي نتاج التفاعلات الثقافية والاجتماعية والتواصل مع الجمهور. -
من إعادة الإنتاج إلى الإبداع الرقمي:
يعتقد أن الذكاء الاصطناعي قد تجاوز الآن مرحلة التكرار وإعادة الإنتاج ودخل مجال الإبداع المستقل. -
تحول دور الفنان:
بدلاً من أن يكون للفنان دور مطلق في الإبداع، أصبح نوعًا من الشريك الذي ينتج العمل إلى جانب الذكاء الاصطناعي. -
المُتلقي كفاعل نشط:
المُتلقي ليس مجرد متلقٍ بل هو أيضًا مختار، مفسر، وحتى مبدع مشارك في التجربة الفنية.
چشماندازی تازه برای هنر آینده
في نهاية كلمته، أكد خالديان على ضرورة النظر إلى مستقبل الفن في العصر الرقمي بنظرة مرنة. وبحسب قوله، فإن العصر الجديد ليس علامة على نهاية الفن، بل هو وعد بولادة نوع جديد من الفن.
وختم بالقول: «العمل الفني اليوم هو نتيجة ارتباط حي بين الإنسان والآلة والمجتمع. إذا أراد الفن أن يبقى حياً في هذا التحول، يجب علينا إعادة قراءة مفاهيمه الأساسية؛ من الأصالة إلى الإبداع.»