لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد تقنية ناشئة، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية ومن البنى التحتية الصناعية والعلمية. لكن في هذا المسار المتسارع، كيف يمكن للغة الفارسية أن تؤدي دورًا فعالًا؟ هل تكفي تقنيات الذكاء الاصطناعي العالمية وحدها، أم أننا بحاجة إلى تطوير وتعزيز نماذج محلية تتناسب مع ثقافتنا وبنية لغتنا؟
نظم مركز أبحاث الذكاء الاصطناعي بارت، الذي يمتلك خبرة تقارب السبع سنوات في معالجة اللغة الطبيعية، مؤتمرًا تخصصيًا بعنوان «الذكاء الاصطناعي وسكر الفارسية؛ على درب ابتكارات بارت» للإجابة على هذه التساؤلات. وفر هذا الحدث فرصة للباحثين وصناع السياسات والفاعلين في صناعة الذكاء الاصطناعي للتلاقي والتحدث عن التحديات والإنجازات وآفاق تطوير التكنولوجيا المحلية للغة الفارسية. في مقابلة مفصلة، شرح أميرمحمد صالح أوف، رئيس فريق معالجة اللغة الطبيعية في بارت، أهداف وإنجازات هذا الحدث، مؤكدًا على أهمية توطين التكنولوجيا وضرورة تشكيل منظومة ذكاء اصطناعي داخلية. فيما يلي تفاصيل أكثر من هذه المقابلة ورؤية مستقبلية لتقنية اللغة الفارسية.
دعم قوي وتحرك نحو الابتكار المحلي
شرح صالح أوف أنه منذ عام 2017 (1396 حسب التقويم الإيراني)، يعمل مركز أبحاث بارت باستمرار على تطوير نماذج معالجة اللغة الطبيعية ونماذج اللغة. وقال: «خلال هذه الفترة، شهد فريقنا نموًا ملحوظًا وأكمل العديد من المشاريع بنجاح. أدى ظهور نماذج اللغة الكبيرة على المستوى العالمي، والتي أصبحت الآن متقدمة وشائعة جدًا، إلى تحفيزنا لتقديم نتائج جهودنا في حدث تخصصي. كان هدفنا الرئيسي، بجانب تقديم تقرير عن أدائنا، هو خلق منصة للتفاعل وتبادل الآراء مع باقي العاملين في مجال الذكاء الاصطناعي لتشكيل مسار أفضل لمستقبل هذه التكنولوجيا.»
بناء نظام بيئي مستقل: تحدي وطني وإقليمي
تحدث عن أهمية مثل هذه الفعاليات في تطوير منظومة الذكاء الاصطناعي في إيران قائلاً: «للأسف، يتركز الاهتمام في بلدنا بشكل أكبر على استخدام المنتجات الأجنبية، مع قلة التركيز على تطوير التقنيات المحلية. بينما نعتقد أن بناء البنية التحتية الأساسية للذكاء الاصطناعي يجب أن يتم من داخل البلاد وبالاعتماد على القدرات المحلية. تلعب فعاليات مثل "الذكاء الاصطناعي وسكر الفارسية" دورًا مهمًا في تعزيز الدافع والثقة بالنفس والتضامن بين الخبراء المحليين، وتُظهر أن اللغة الفارسية تحتاج إلى نماذج وحلول مخصصة يمكنها التعامل مع تحدياتها الخاصة بأفضل شكل.»
التوطين: مفتاح الحفاظ على الهوية اللغوية والثقافية
أشار صالح أوف إلى نقطة مهمة جدًا أيضًا: «إذا تم تدريب الذكاء الاصطناعي فقط على بيانات لغوية غير محلية، فلن يتمكن من فهم ونقل جميع التفاصيل الدقيقة والثقافات والمعاني الخاصة باللغة الفارسية بشكل كامل. لذلك، فإن تطوير النماذج المحلية ليس فقط ضرورة فنية، بل هو أيضًا ضرورة ثقافية تساعد في الحفاظ على هوية لغتنا وقيمنا الثقافية.»
آفاق المستقبل وضرورة التقارب
أكد الباحث أنه من أجل تحقيق تقدم حقيقي في مجال الذكاء الاصطناعي المحلي، هناك حاجة إلى تعاون مستمر بين الجامعات والصناعة والجهات السياسية. وقال: «مثل هذه المؤتمرات توفر فرصة ذهبية لتعزيز هذا التقارب، ويمكن أن تكون منصة انطلاق للمشاريع المبتكرة والعملية.»